رشان اوشي تكتب: سقوط الأقنعة

الإثنين، 18 أغسطس 2025 10:38 ص

رشان اوشي

رشان اوشي

عنوان المقال مقتبس من سِفر (سقوط الاقنعة ..سنوات الأمل والخيبة) ..للكاتب السوداني "فتحي الضو". 

جزء كبير من (مشاهد) معركة الكرامة مزيف ، مثل وجوه السينما ، رجال يرتدون أوجه ليست حقيقية، مجرد اداء على المسرح العبثي، وجوه تظهر في سرعة، وتملأ حياة الناس، ثم تسقط الاقنعة أسرع من النيازك التي تتساقط من السماء.

بدت الولاية الشمالية  وكأنها عالم في رواية، أو فيلم سينمائي، يروي حكايات الصراع  من اجل فوز وبقاء مصالح اقتصادية ، وشعار الفاعلين في هذا المسرح :"اطلب الفوز، ادع القوة".

بدأت حكايتنا الأولى ومع وصول الحرب إلى ذروتها، ظهر رجال أعمال قدموا أنفسهم داعمين للجيش في المعركة، بتوفير قدر من التبرعات، وارتدوا زي الأبطال، ولكن من خلال التقصي ، والمستندات تبين لنا أن كل هذه النشاطات كان لها أن تكون جليلة لولا أن النيّات خلفها لم تكن خالصةً لوجه الله تعالى، ولا حباً في بطولات الجيش السوداني ، بل ضمن مشروع  للهيمنة على سوق المال والأعمال في الولاية الشمالية، والثراء الشخصي.

فرضت "الغرفة التجارية" بالولاية الشمالية جبايات هائلة على سيارات نقل البضائع التي تعبر الولاية دخولاً من المعابر ، وخروجاً إليها ، وتلك الجبايات لا تستند على إجراءات رسمية سوى قانون الحرب.

تجني "الغرفة التجارية" يومياً مبالغ طائلة، ادناها(١٥٠) مليون، تودع هذه الأموال في حسابات بنكية باسماء فرعيات "الغرفة التجارية" في دنقلا، الدبة، مروي ، ولا تخضع للمراجعة العامة، ولا سلطة لوزارة المالية عليها.

 وكلما اشتهى القائمين على أمر "الغرفة التجارية" كاميرات الاعلام ، اقاموا مهرجاناً دعائياً لتبرعات للجيش  بالفتات ، أقصى مبلغ تبرعوا به للفرقة (١٩) مروي لم يتجاوز (٥٠) مليون جنيه.

يجدر الإشارة إلى أن هذه اللجان  التسيرية للغرف التجارية بالولاية الشمالية فاقدة للشرعية، تم حلها بقرار قضائي في العام ٢٠٢٢م، وبموجبه حصلت اللجنة التنفيذية المنتخبة على قرار باستلام مهام الغرفة التجارية، ولكن القرار لم ينفذ ، لأن الشخصيات التي تسير "الغرف التجارية" تحتمي  خلف جدار "المقاومة الشعبية" ومساندة الجيش في المعركة .

هذه العربدة الفجة، التي لا تقيم وزناً  لمأساة السودانيين ، ولا تضحيات الشباب في ميادين القتال ، ولا عذابات النازحين واللاجئين، قد لا يجدها البعض مفاجئة، إلا أنها في شكلها ومضمونها الراهنين تكشف عن وجه قبيح من اوجه المسرح العبثي ، فنحن  إزاء حالة غير مسبوقة من الازدراء بالحالة السودانية   والاستخفاف بها.

search