علم الدين عمر يكتب: كباشي في كردفان..مقدمة النصر ونهاية المغامرة!!

الجمعة، 05 سبتمبر 2025 08:24 م

 علم الدين عمر

علم الدين عمر

كباشي في كردفان..مقدمة النصر ونهاية المغامرة!!..

ظللت خلال الفترة الماضية أتابع بحذر مشوب ببعض التوتر محاولات بعض المتقاطعين مع المشهد السوداني لجر قيادة الجيش لميدان السياسة ومواقفها الحزبية والمناطقية والجهوية ..ومنطقها المختل في مواجهة تحديات الدولة والمجتمع ..وظل التركيز علي شخصية الفريق أول شمس الدين كباشي.. نائب القائد العام وعضو مجلس السيادة الذي ظهر بالأمس في كردفان في زيارة واضح أنها ليست مجرد تفقد لقوات مرابطة في جبهة القتال بقدر ما هي إعلان عن المرحلة القادمة من تكتيكات المعركة ..وجود كباشي.. تحديداً هو إعلان كامل التفاصيل عن ذلك..فالرجل ذو الخلفية العسكرية الصرفة الصارمة.. إرتبط اسمه بالمؤسسة العسكرية أكثر من الحسابات السياسية المفتوحة هذه الأيام ..
أحاطت بالشخصية العسكرية للفريق أول كباشي شائعات متكررة..بعضها كان يهدف لإغتيال معنوي و للتشكيك في مواقفه أو إضعاف حضوره داخل المؤسسة..لكن مسار الأحداث أثبت العكس..إذ تجاوز كباشي تلك الحملات بالصمت الفاعل.. وبالتحرك الدقيق في التوقيتات والقضايا.. ليبقى في نهاية المطاف رمزاً صارماً للإنضباط العسكري.. بعيداً عن المزايدات والضجيج.. ومن هنا فإن ظهوره في كردفان وفي الأبيض ليس مجرد فعل ميداني لرجل ما زال حيث يجب أن يكون منذ بداية الحرب..
هذه الزيارة المتزامنة مع تجمع رهيب لقوات متحرك الصياد ربما عكست تحولاً جذرياً في إدارة المعركة.. لم يعد الهدف مطاردة (مطاريد)  المليشيا.. بل تجاوز التكليف وفق الخطة الواضحة لإقتلاعها من جذورها في كردفان..حيث
تشير المعطيات الميدانية إلى أن المليشيا استشعرت الخطر الداهم..وبدأت تحفر الخنادق.. وتسحب قواتها من الفولة وغبيش وأبو زبد نحو النهود والدبيبات..و تعبئ مرتزقتها في نيالا والضعين.. مستعرضة قواتها هناك في محاولة يائسة للتعامل مع القادم..فأسد الجبال الآن يضع اللمسات الأخيرة لمقدمات النهاية.. وخطوات ما قبل إعلان كردفان خالية من رجس المرتزقة..ولا يختلف إثنان أن السيطرة الكاملة على كردفان تفتح الطريق إلى دارفور.. ومن هناك.. يقترب فك الحصار عن الفاشر..المدينة التي مثلت قلب الصراع ومركز ثقله ورمزيته العسكرية والسياسية ..كسر الطوق عن الفاشر لن يكون مجرد إنجاز ميداني تخشي المليشيا وداعميها أن يداعب أحلامهم فقط.. بل هو إنقلاب إستراتيجي يغير وجه الحرب بأكملها..ويعيد صياغة ما تبقي من تحدياتها..
وجود كباشي في كردفان تجاوز حدود المشهد العسكري..ووجه رسالة إلى الداخل بأن الجيش متماسك.. ورسالة إلى الخارج بأن المؤسسة العسكرية لم تفقد توازنها..ولن..والأهم أنه (برهان) على أن الرجل الذي حاولت الشائعات إقصاءه ما يزال يمسك بزمام الملفات الكبرى.. وأن رمزيته لا تُختزل في حضوره العسكري.. بل في صمته الذي كان أبلغ من الرد.. وفي دأبه على الظهور في اللحظة الحاسمة.. لا قبلها ولا بعدها..
ولأنها معركة متعددة الأبعاد.. جيش يقاتل.. وحكومة تدير.. وشعب يصمد..فإن زيارة الكباشي رسمت هذا التوازي بين الميدان والسياسة والمجتمع ..تفقد نائب القائد العام قواته.. وتناول وجباته داخل قيادة الفرقة بالأبيض ..وقام عضو مجلس السيادة بمباشرة مهامه من عاصمة ولاية شمال كردفان.. موجهاً عصاه نحو الغرب..وتجول إبن كردفان البار في شوارع المدينة وزار منزل خاله محمد ريحان شاغلاً المكان بحركة المناسبة..إن زيارة كباشي إلى كردفان ليست حدثاً عابراً في يوميات الحرب .. وما علي المشككين في ذلك إلا متابعة أصداء الزيارة في الدوائر المجتمعية والسياسية والعسكرية  فالرجل الذي حاولت الشائعات إغتيال شخصيته..إختار أن يرد بالصمت الفاعل والتحرك المدروس.. ليبقى في أعين السودانيين صورة للقائد الصارم الذي يتحرك في الوقت المناسب للحسم الكامل..ويجسد تماسك المؤسسة العسكرية ووحدة قيادتها ويذكر بأن الجيش السوداني مهما أشتدت العواصف.. سيبقى هو العمود الفقري لوحدة البلاد والضامن الأول لقوميتها.. وأن لحظة الإنتصار ليست بعيدة.. هي معركة وطن وقضية بقاء.. والجيش بقياداته ورجاله يكتبون اليوم فصلاً جديداً من فصول الوطنية.. صلابةً وتماسكاً وعزماً على أستعادة الأرض والكرامة معاً..فإحداهما لن تُغني عن الأخري..وهاقد أشارت عصا الكباشي نحو الغرب..بقوة ..وعزيمة..

search