الفاشر.. جرائم لا تسقط بالتقادم
الثلاثاء، 28 أكتوبر 2025 02:53 م
جيب الله
حوار : اجلال اسماعيل
تصاعدت الانتهاكات ضد المدنيين في مدينة الفاشر خلال الأسابيع الأخيرة، حيث أفادت تقارير حقوقية بوقوع هجمات عشوائية وعمليات اغتصاب واعتقالات تعسفية، تنسب إلى قوات الدعم السريع هذه الوقائع المؤلمة تفتح الباب أمام أسئلة قانونية وإنسانية حول كيفية التعامل مع جرائم الحرب، ومسؤولية الدولة والمجتمع الدولي تجاه حماية المدنيين. في هذا الحوار، يوضح المحامي والخبير القانوني والمستشار استاذ. جيب الله سليمان لاون سودان الرؤية القانونية لما يجري، وموقع العدالة من هذه المأساة.
كيف ينظر القانون السوداني إلى جرائم الاغتصاب والتعدي في أوقات الحرب؟
القانون السوداني يعتبر الاغتصاب من أبشع الجرائم، ويعرفه في المادة (149) من القانون الجنائي كاعتداء جنسي على أي شخص، سواء كان امرأة أو رجلًا أو طفلًا. يعاقب القانون الجناة بالسجن الطويل أو الإعدام في الحالات المشددة.
إلا أن واقع النزاعات المسلحة يجعل إثبات الجريمة أكثر صعوبة، خصوصا في ظل غياب مؤسسات العدالة في مناطق الحرب، ما يتطلب تطوير آليات خاصة لحماية الضحايا وضمان محاسبة المجرمين.
هل تعتبر هذه الجرائم جرائم حرب أم جرائم ضد الإنسانية؟
بموجب القانون الدولي تعد هذه الأفعال جرائم حرب وجريمة ضد الإنسانية إذا ارتكبت بشكل واسع أو منهجي ضد المدنيين. نصت المادة (7) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أن الاغتصاب والاستعباد الجنسي والإكراه على البغاء تعد جرائم ضد الإنسانية متى ما تمت في إطار هجوم منظم على السكان المدنيين.
ما القوانين أو المواثيق الدولية التي تحكم مثل هذه الانتهاكات؟
تحكمها مجموعة من المواثيق أبرزها:
اتفاقيات جنيف الأربع (1949) التي تجرم الاعتداء على المدنيين أثناء الحرب.
نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (1998) الذي يتيح ملاحقة الأفراد المتورطين في جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة.
اتفاقية منع تقادم جرائم الحرب التي تؤكد أن هذه الجرائم لا تسقط بمرور الزمن.
هل يمكن محاكمة مرتكبي هذه الجرائم بعد انتهاء الحرب؟
نعم فهذه الجرائم لا تسقط بالتقادم. يمكن محاكمة الجناة حتى بعد مرور سنوات طويلة على ارتكابها سواء أمام المحاكم السودانية بعد استقرار الأوضاع، أو أمام المحكمة الجنائية الدولية إذا ثبت تورط أفراد أو قادة نظاميين.
من يتحمل المسؤولية القانونية إذا ارتكبت قوات أو ميليشيات جرائم ضد المدنيين؟
المسؤولية لا تقع على المنفذين فقط، بل تمتد إلى القادة العسكريين والسياسيين الذين يصدرون الأوامر أو يتغاضون عنها. القانون الدولي يحمل القادة مسؤولية الإشراف أو التغاضي إذا لم يتخذوا إجراءات لمنع الجرائم أو معاقبة مرتكبيها.
ما آليات توثيق الأدلة في ظل صعوبة الوصول للمناطق المتضررة؟
يتم التوثيق عبر تقارير المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، وشهادات الناجين والشهود، والصور والفيديوهات الموثقة زمنيا. كما تعد شهادات الطواقم الطبية والمنظمات الإنسانية مصادر أساسية في التحقيقات الدولية المستقبلية.
كيف يمكن للضحايا في مناطق النزاع الإبلاغ عن الجرائم؟
يمكنهم التواصل عبر قنوات متعددة منها المنظمات الحقوقية السودانية أو بعثات الأمم المتحدة أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر كما تتيح بعض المنصات الإلكترونية الموثوقة تلقي البلاغات بسرية تامة.
لكن الصعوبات تبقى كبيرة بسبب انقطاع الاتصالات والخوف من الانتقام.
ما أبرز التحديات التي تواجه النساء في الإبلاغ عن الاغتصاب أثناء الحرب؟
النساء يواجهن خوفا مضاعفا من الوصمة الاجتماعية ومن انتقام الجناة ومن ضعف الحماية القانونية.
الكثيرات يلتزمن الصمت حفاظا على أسرهن أو خوفا من أن يساء إليهن مرة أخرى ما يجعل عدد الحالات المبلغ عنها أقل بكثير من الواقع.
هل تلتزم الحكومة السودانية بفتح تحقيقات مستقلة في الانتهاكات ضد المدنيين؟
الحكومة أعلنت نيتها إنشاء لجنة وطنية للتحقيق في الانتهاكات، لكنها تواجه تحديات كبيرة في مناطق النزاع حيث تغيب سلطة الدولة. المحاكم تحتاج إلى أدلة قوية وشهود، وهو ما يصعب تحقيقه في الوقت الراهن.
ما دور المنظمات الدولية في توثيق ومتابعة هذه القضايا؟
الأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، والمنظمات غير الحكومية تقوم بدور أساسي في رصد وتوثيق الانتهاكات. تصدر تقارير دورية عن الأوضاع في دارفور، وتطالب بوقف الهجمات ومحاسبة المتورطين.
كما تعمل هذه المنظمات بالتعاون مع محامين سودانيين لتقديم الدعم القانوني والنفسي للضحايا.
ما العقبات التي تعرقل محاسبة الجناة أمام القضاء المحلي أو الدولي؟
أهم العقبات تتمثل في ضعف سيادة القانون داخل مناطق النزاع، وصعوبة جمع الأدلة، وخوف الشهود من الانتقام، إلى جانب محدودية التعاون بين السلطات المحلية والمنظمات الدولية.
ما الخطوات العاجلة لحماية المدنيين في مناطق النزاع؟
فرض حظر على الأسلحة الثقيلة في المناطق المأهولة.
إنشاء ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية.
الضغط الدولي على الأطراف المتحاربة لوقف استهداف المدنيين.
دعم المبادرات المحلية لحماية النساء والأطفال.
كيف يمكن إعادة الثقة في العدالة بعد هذه الجرائم البشعة؟
الثقة لا تعود إلا عبر محاسبة عادلة وشفافة لكل من تورط في الجرائم، وإصلاح النظام القضائي ليصبح أكثر استقلالًا ونزاهة، مع توفير الدعم النفسي والاجتماعي للضحايا وأسرهم.
ما أهمية التوثيق الإعلامي والحقوقي لهذه الجرائم؟
التوثيق هو ذاكرة العدالة. فهو الذي يحفظ الأدلة ويمنع طمس الحقائق. كما أن نشر المعلومات الموثوقة يساعد في رفع الوعي والضغط على المجتمع الدولي للتحرك.
هل يمكن للعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية معالجة آثار هذه الجرائم؟
نعم، العدالة الانتقالية ضرورية لإعادة بناء الثقة بين المواطنين. تشمل جبر الضرر للضحايا، والاعتراف العلني بالانتهاكات، والإصلاح المؤسسي لضمان عدم تكرار المأساة.
ختاما
يقول المحامي (أ. جيب الله) لن يتحقق السلام في الفاشر أو في أي منطقة نزاع ما لم تتحقق العدالة أولا. فالجريمة التي ترتكب ضد مدني أعزل هي طعنة في ضمير الوطن والعدالة هي السبيل الوحيد لشفاء هذا الجرح.
نسخ الرابط للمقال
آخبار تهمك
رغم الحرب والخسائر… سيدة سودانية ترفض مغادرة وطنها: "ما بلقي زي السودان دا"
25 أكتوبر 2025 04:21 م
ملاحقة الفنانة عشة الجبل في 4 ولايات بسبب محمود عبد العزيز
17 أكتوبر 2025 03:10 م
وفاة الفنان السوداني علي كايرو بعد أيام من إعلانه التوبة
14 أكتوبر 2025 11:47 م
فرقة المسرح القومي تواصل عروضها بالدامر للتوعية من خطر المخدرات
14 أكتوبر 2025 12:00 ص
انطلاق دورة الأرشفة الإلكترونية وتطبيقات الإنترنت بأمانة الحكومة
13 أكتوبر 2025 12:38 م
الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو تفوز بجائزة نوبل للسلام
10 أكتوبر 2025 01:33 م
الأكثر قراءة
-
تدخل مصري لإيقاف جرائم مليشيا الدعم السريع في الفاشر
-
بيان شديد اللهجة من درع السودان: استئصال مرتزقة مليشيا الدعم السريع الإرهابية مهمة وطنية عاجلة
-
والي غرب دارفور: بنادقنا لن تصدأ والفاشر محطة للمراجعة وليس الهزيمة
-
نشأت الديهي: ما يفعله "حميدتي" في الفاشر صورة بالكربون لما تفعله إسرائيل في غزة
-
"تهمتها إطعام الجياع" .. مليشيا الدعم السريع تقتل "سهام حسن" العضو السابق في البرلمان السوداني
أكثر الكلمات انتشاراً