أهم نقاط مقال البرهان في "وول ستريت جورنال": “لا سلام في السودان دون تفكيك ميليشيا الدعم السريع”

أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي والقائد العام للقوات المسلحة السودانية، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، أن السودان يخوض “معركة من أجل بقائه”، مشدداً على أن الحرب التي تشنها قوات الدعم السريع تمثل “تمرداً عنيفاً على الدولة” وتشكل تهديداً مباشراً للسودان والمنطقة بكاملها.

وقال البرهان، في مقال مطوّل تناول فيه جذور الصراع وتداعياته، إن ما يجري في السودان “ليس صراعاً بين جنرالين كما يروج البعض”، بل هو نتيجة تمرد ميليشيا “مدججة بالسلاح” ذات سجل حافل بالانتهاكات والجرائم، مؤكداً أن تقارير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أثبتت تورط الدعم السريع في “عمليات قتل جماعي وعنف جنسي وترويع للمدنيين”.

وأشار إلى أن سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر في أكتوبر الماضي أدت إلى مقتل آلاف المدنيين، بينما قدّرت جهات بحثية—منها مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل—عدد ضحايا تلك الهجمات بنحو 10 آلاف شخص قبل انقطاع الاتصال، في “مقياس قاتم لحجم الفظائع المرتكبة”.

وأوضح البرهان أن جذور المشكلة تعود إلى نشأة قوات الدعم السريع بصفتها ميليشيا خارجة عن هيكل الدولة، تطورت لاحقاً إلى تشكيل عسكري واسع النفوذ يعمل خارج المنظومة الرسمية، معتبراً أنها “قنبلة موقوتة” أصبحت تهدد وحدة السودان واستقراره.

وكشف أن الحكومة السودانية حاولت في ديسمبر 2022 دمج قوات الدعم السريع في الجيش ضمن عملية إصلاحية منظمة، إلا أن الميليشيا “انقلبت على الدولة” في أبريل 2023 بعد تحريك قواتها سراً حول الخرطوم ومدن أخرى، والسيطرة على مواقع استراتيجية ومهاجمة منشآت حكومية وعسكرية، وهو ما أدخل البلاد في أتون الحرب الحالية.

وقال البرهان إن الدعم السريع تتلقى “دعماً خارجياً كبيراً بالعتاد والموارد”، من أطراف تعتقد—خطأً—أن تمكين ميليشيا متهمة بجرائم إبادة سيخدم مصالحها. وأضاف أن السودانيين يدركون حجم هذا التدخل، ويرفضون تحويل بلادهم إلى ساحة صراع خارجي.

وحذّر من أن الحرب لا تهدد السودان وحده، بل تمتد آثارها إلى البحر الأحمر والساحل الأفريقي، كما تشكل “خطراً مباشراً على المصالح الأميركية”. وذكر أن عناصر مرتبطة بالدعم السريع استهدفت موكباً دبلوماسياً أميركياً في بداية الحرب، فيما توفي عنصر أمن بالسفارة الأميركية أثناء احتجازه لدى الميليشيا في سبتمبر 2024.

وتوقف البرهان عند تصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو خلال قمة مجموعة السبع في كندا، مشيداً بوصفه الدقيق لطبيعة الحرب ودور الأطراف الخارجية في تأجيجها، معتبراً أن تلك التصريحات “وضوح افتقده العالم كثيراً بشأن السودان”. كما رحب بتصريحات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عقب لقائه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ووصفها بأنها “مشجعة”.

وجدد البرهان حرص السودان على العمل مع الولايات المتحدة والسعودية من أجل سلام عادل، لكنه شدد على أن هذا السلام “لن يتحقق ما لم يتم تفكيك ميليشيا الدعم السريع ومرتزقتها”، مع إمكانية دمج بعض أفرادها غير المتورطين في جرائم، وفق معايير مهنية صارمة.

وأضاف أن السودانيين ينتظرون من واشنطن اتخاذ خطوة حاسمة تستند إلى “صراحة الرئيس الأميركي وتصميمه”، مؤكداً أن السودان لا يطلب انحيازاً بل يطلب من العالم “أن يختار بين الاستقرار والعنف”.

وأكد البرهان أن السودان يسعى بعد انتهاء الحرب—والتي “يجب أن تنتهي”—إلى بناء شراكة قوية مع الولايات المتحدة، والإسهام في حماية الاستقرار الإقليمي ومكافحة الإرهاب، وفتح المجال أمام الشركات الأميركية في إعادة الإعمار والتنمية.

كما أكد التزام القوات المسلحة بالانتقال إلى الحكم المدني، قائلاً إن الحرب عطلت المسار لكنها “لم تلغه”، فالشعب السوداني “يستحق فرصة اختيار قادته وتحديد مستقبله”.

وختم البرهان بالقول إن السودان يقف عند مفترق طرق حاسم، بين “الانهيار والفوضى الإقليمية” وبين “التعافي واستعادة مسار الديمقراطية”، داعياً المجتمع الدولي للوقوف مع الشعب السوداني لا مع من “يسعون لتمزيق بلاده”، مؤكداً أن “السلام لا يُبنى على الأوهام بل على الحقيقة… وفي هذه اللحظة الحقيقة هي أقوى حليف للسودان”.