بين انتظار المركز وضرورة المبادرة المحلية.. 11 مليون دولار تنهي عطش القضارف

الخميس، 18 ديسمبر 2025 12:40 م

بين انتظار المركز وضرورة المبادرة المحلية.. 11 مليون دولار تنهي عطش القضارف

بين انتظار المركز وضرورة المبادرة المحلية.. 11 مليون دولار تنهي عطش القضارف

عمر دمباي

مع اقتراب نهاية العام الحالي، وبدء الترتيبات الجارية لإجازة الموازنة المالية لحكومة ولاية القضارف، تبرز أزمات مزمنة في حاضرة الولاية، على رأسها أزمة مياه الشرب، وفي تقديري، يمكن كسر جمود هذه الأزمة المستعصية، وإنهاء مشروع الحل الجذري الذي كاد أن يتحول إلى ما يشبه حدودة أم ضبيبنة، إذا ما توافرت إرادة حقيقية، ورغبة جادة في التفكير خارج الأطر التقليدية.

ما المانع من تبني مبادرة مسؤولة تقودها حكومة الولاية، عبر الجلوس إلى طاولة واحدة تضم وزارة المالية الاتحادية، ووزارة العدل، ووزارة الخارجية، إلى جانب بنك جدة الإسلامي، وبمشاركة عضو مجلس السيادة المختص بملف شرق السودان، وكل الجهات ذات الصلة؟

تقوم مهمة هذه المبادرة على تعهد واضح من حكومة ولاية القضارف بتعديل صيغة العقد مع الشركة الصينية المنفذة لمشروع الحل الجذري لمياه القضارف، بحيث تتحمل الولاية عبء سداد ما تبقى من تكلفة المشروع، والمقدرة بنحو 11 مليون دولار، من إيراداتها الذاتية، بدلًا من الاستمرار في انتظار الحكومة المركزية لسنوات إضافية قد تطيل أمد المعاناة دون أفق زمني محدد.

وفي تقديري، فإن هذا المبلغ لا يشكل عبئا حقيقيا على حكومة الولاية، إذ يمكن تغطيته بما يعادل أقل من إيراد شهر واحد من إجمالي التحصيل الشهري لإيرادات القضارف، وهو ثمن معقول إذا ما قورن بحجم المعاناة اليومية للمواطن، وبالقيمة الاستراتيجية لمشروع يوفر حقا أساسيا لا يحتمل التأجيل.

قد يقول قائل: لماذا لا تلتزم الحكومة الاتحادية بتعهداتها؟ ولماذا تتحمل القضارف عبئا إضافيا وهي تسهم أصلا في دعم الدولة؟ وهي دفوعات منطقية ومفهومة، لكن، في المقابل، ما المانع من أن تتحمل حكومة القضارف تبعات ما تبقى من تكلفة المشروع، إذا كان ذلك سيضع حدا لمعاناة أهل المدينة؟

ببساطة، تنظر الحكومة المركزية إلى أزمة مياه القضارف بالطريقة نفسها التي تنظر بها إلى أزمات مياه بورتسودان، ومشاكل مشروع الجزيرة، وطريق الإنقاذ الغربي، ومطارات السودان، والموانئ، وانتشار العقارب في ولايتي الشمالية ونهر النيل؛ أي باعتبارها ملفات مؤجلة وسط زحام الأزمات الوطنية.

لذلك، بات من الضروري أن نواجه واقعنا بشجاعة، وأن نبحث عن حلول عملية، بدلا من الوقوف في المحطة نفسها، والتباكي على ما لم يفعله المركز، وما كان يفترض أن يفعله.

ومن هنا، فإن تحمل المسؤولية، مهما كان ثمنه، يظل أقل كلفة من استمرار العطش، وأجدى من انتظار المجهول.

search