لم يمت بل ترجل مقاتلاً.. سيرة الشهيد اللواء معاوية حمد

الأربعاء، 24 ديسمبر 2025 05:06 م

الشهيد اللواء معاوية حمد

الشهيد اللواء معاوية حمد

كتب: مجدي العجب

في بيانٍ موجعٍ اختلط فيه الفخر بالحزن، أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة استشهاد القائد البطل اللواء ركن معاوية حمد، قائد اللواء 22 بابنوسة، ليرتقي واحدٌ من خيرة ضباط الجيش السوداني وهو يؤدي واجبه في ساحات الشرف.

لم يكن استشهاده حدثاً عابراً في سجل الحرب، بل محطةً فارقةً في سيرة رجلٍ اختار منذ باكورة شبابه طريق الجندية، ومضى فيه حتى آخر خطوة.

ينحدر الشهيد من دنقلا – قرية انقري، حيث تشكل وعيه الأول على قيم الانتماء والصبر، وتلقى تعليمه بمدرسة دنقلا الثانوية، قبل أن يلتحق بالكلية الحربية ضمن الدفعة 40 عام 1989م، واضعاً قدمه مبكراً في دربٍ لا يعرف المساومة مع الواجب.

وُلد عام 1971م، فعاش عمره كله في خدمة المؤسسة العسكرية، متنقلاً في مواقع المسؤولية حتى صار قائداً ميدانياً يُحتذى به في الانضباط والشجاعة والالتصاق بالجنود.

نعي الدفعة

قال عميد ركن (م) عماد الدين عباس الحسن ، الدفعة 40 إن إعلان القيادة العامة للقوات المسلحة استشهاد اللواء ركن معاوية حمد عبد الله، قائد اللواء 22 بابنوسة، شكّل لحظة حزن عميق ممزوج بالفخر، برحيل قائدٍ ميداني جسّد أسمى معاني الشجاعة والثبات والتضحية.

وأوضح خلال نعي تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي: أن الشهيد كان من القادة الذين يسبقون جنودهم إلى مواقع الخطر، ويؤمنون بأن القيادة موقف قبل أن تكون رتبة.

وأشار إلى أن الشهيد، أحد فرسان الدفعة 40 بالكلية الحربية، ظل طوال مسيرته العسكرية نموذجاً للضابط المنضبط والإنسان القريب من جنوده، معلماً وقائداً ترك بصمات واضحة في الكلية الحربية، ولواء إدارة القيادة العامة، وفي كل موقع خدم فيه.

وأضاف أن معاوية حمد كان نسيج وحده، لا يعرف الانكسار، صال وجال في ميادين القتال، ولقّن العدو دروساً في الصمود والإقدام حتى ارتقى شهيداً في ميادين الشرف.

وأكد أن الشهيد لحق بإخوانه شهداء معركة الكرامة من الدفعة 40، ليكتمل عقدٌ من القادة الذين قدّموا أرواحهم فداءً للوطن، مشيراً إلى أن السودان الذي يحرسه أمثال معاوية حمد لن يُضام، وأن النصر سيظل حليف قواته المسلحة مهما طال الزمن.
وختم بالقول إن سيرة الشهيد ستظل حاضرة في وجدان الجيش والشعب، وإن فقده خسارة كبيرة، لكن عزاء الوطن أن أمثاله لا يموتون، بل يخلدون بأفعالهم وتضحياتهم، سائلاً الله أن يتقبله في أعلى الجنان مع الشهداء والصديقين.

الاقدام قتٌال

وفي ختام  مسيرته التي اتسقت مع الصمت والعمل والانحياز الكامل للمؤسسة والوطن، يبرز الشهيد اللواء الركن معاوية حمد عبد الله بوصفه نموذجا لضابط تشكلت شخصيته بين الجذور الريفية الصلبة والانضباط العسكري الصارم  ولد الشهيد معاوبة في قرية انقري بالولاية الشمالية، حيث تشكلت شخصيته التى اتسمت بقيم الالتزام والمسؤولية، قبل أن يشق طريقه العلمي في مدرسة دنقلا الثانوية، إحدى المدارس العريقة التي خرجت أجيالا من القادة والمفكرين.

التحق بالكلية الحربية عام 1990، وتخرج فيها عام 1992 ضابطاً مشبعاً بروح الواجب، ليبدأ بعدها مسيرة ميدانية حافلة في المنطقة الغربية ومنطقة بحر الغزال العسكرية، متنقلاً بين أكثر مسارح العمليات تعقيداً وحساسية.

وخلال سنوات خدمته، تقلّد عدداً من المواقع القيادية الرفيعة، من بينها قائد لواء إدارة القيادة العامة، وقائد الفرقة السابعة مشاة، ثم قائد الفرقة الرابعة عشرة، وصولاً إلى آخر مهامه قائداً للفرقة الثانية والعشرين مشاة بمدينة بابنوسة.

وعلى الصعيد الأكاديمي والعسكري، اجتاز الشهيد جميع الدورات الحتمية، ونال ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان، إلى جانب زمالة الحرب من أكاديمية نميري العسكرية، جامعاً بين الخبرة الميدانية والمعرفة الاستراتيجية.

بعيداً عن ساحات القتال، كان الشهيد زوجاً وأباً، ربّى أبناءه على القيم والأخلاق، وكان من بينهم حفظة لكتاب الله.

search