كارثة تراثية في السودان.. سرقة 4 آلاف قطعة أثرية ومعبد "حتشبسوت" ضمن الخسائر

الإثنين، 29 ديسمبر 2025 10:51 م

 كارثة تراثية في السودان.. سرقة 4 آلاف قطعة أثرية

كارثة تراثية في السودان.. سرقة 4 آلاف قطعة أثرية

يواجه التراث الثقافي السوداني واحدة من أخطر الأزمات في تاريخه الحديث، بعدما تعرضت مواقع أثرية ومتاحف رئيسية لدمار واسع وعمليات نهب ممنهجة، على وقع الحرب المستمرة بين الجيش السوداني والميليشا، ما وضع ذاكرة البلاد التاريخية أمام خطر الضياع.

ووفق تقرير لوكالة رويترز، فإن متحف السودان القومي في الخرطوم، القريب من ملتقى النيلين الأزرق والأبيض، كان من أكثر المواقع تضررًا، حيث تحولت قاعاته إلى مشهد من الفوضى، تناثرت فيه شظايا الفخار والتماثيل بين زجاج محطم وآثار رصاص، في ظل محاولات محدودة من مختصين محليين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وسط نقص حاد في الإمكانات.

4 آلاف قطعة مفقودة.. ودارفور في قلب الكارثة

وقالت إخلاص عبداللطيف، مديرة قطاع المتاحف بالهيئة القومية للآثار والمتاحف، إن نحو 4,000 قطعة أثرية فُقدت منذ اندلاع القتال، من بينها قرابة 700 قطعة من متاحف نيالا والجنينة في إقليم دارفور.

وأوضحت أن أمين متحف الجنينة قُتل إثر قصف استهدف المبنى، فيما ترجح تقديرات رسمية أن عددًا من القطع المنهوبة تم تهريبها إلى خارج البلاد عبر الحدود، مستغلين حالة الانفلات الأمني.

معابد مصرية قديمة ضمن الخسائر

وأشار تقرير رويترز إلى أن قائمة المفقودات تضم معابد وتماثيل أثرية نادرة كانت قد نُقلت إلى الخرطوم في ستينيات القرن الماضي، لحمايتها من الغرق بعد إنشاء السد العالي في مصر.

ومن بين أبرز هذه المعالم معبد بوهين، الذي شيدته الملكة المصرية حتشبسوت نحو عام 1500 قبل الميلاد، والذي تعرض لأضرار جسيمة خلال المواجهات المسلحة.

متحف القصر الجمهوري… ركام محترق

ولم ينجُ متحف القصر الجمهوري من آثار الحرب، إذ تحوّل داخله إلى ركام متفحم، بينما تحطمت نوافذ السيارات التاريخية المعروضة في ساحته، وتضررت المصابيح والهياكل بشكل بالغ، في مشهد يعكس حجم الخسائر التي لحقت بالرموز التاريخية للدولة السودانية.

100 مليون دولار… فاتورة إنقاذ صعبة

وقدّرت الهيئة القومية للآثار والمتاحف أن تكلفة ترميم وتأمين المتاحف السودانية وصيانة ما تبقى من المقتنيات قد تصل إلى 100 مليون دولار، وهو مبلغ يفوق قدرات الدولة في ظل الانهيار الاقتصادي الحاد الذي يعانيه السودان.

كما أدت الحرب إلى توقف نحو 45 بعثة أثرية أجنبية كانت تنشط في مواقع مختلفة قبل اندلاع القتال، بانتظار تحسن الوضع الأمني للعودة واستئناف أعمال التنقيب والترميم.

ذاكرة مهددة بالضياع

ويرى مختصون أن ما يجري لا يهدد الحجر والتماثيل فحسب، بل يمس الهوية التاريخية للسودان الممتدة لآلاف السنين، في وقت تتزايد فيه المخاوف من ضياع أجزاء لا تعوّض من الإرث الحضاري، ما لم تُبذل جهود دولية عاجلة لحمايته وإنقاذ ما تبقى منه.

search