نظرة للمستقبل| د.عصام الدين بدري يكتب: قوة المنطق ومنطق القوة

الأربعاء، 13 أغسطس 2025 01:53 م

د.عصام الدين بدري

د.عصام الدين بدري

تاريخ البشرية على مر العصور طابعه الصراع بغرض فرض النفوذ و تحقيق الأهداف العظمي و في سبيل ذلك قد تداس القيم و الأخلاق فلا يأبه الناس لهآ طالما أن الغاية المقدسة سوف تتحقق.


إن من الامور و الصعاب التي واجهتها البشرية في مختلف المراحل التاريخية مسألة صراع المفاهيم كصراع مفهومي(منطق القوة و قوة المنطق)  فحيناً يطغى مفهوم منطق القوة أو البقاء للأقوى على فئة معينة أو مجتمع معين أو حتى مرحلة تاريخية بشكل تنعدم معه لغة الحوار والاحتكام إلى المنطق والعقل، فتنشب الحروب وتدور رحى العنف والطغيان ساحقة كل القيم والمبادئ التي تدعو إلى الحكمة والعقلانية حاملةً معها شتى معاني الظلم والاستبداد ليعيش المجتمع الإنساني وفق هذا المفهوم في جهل وأجواء ينشط فيها الإقطاع والظلم وإلغاء الآخر. 


إن السبب في تبني مثل هذه المفاهيم هو غياب المنطق والحوار وسيطرة الإرادات المتعصبة على مقدرات الشعوب وتفشي الأمية الثقافية والحضارية في الطبقات الاجتماعية ذات الأكثرية العددية، و لكن هذا الوضع سرعان ما ينتهي ويذوب كونه يفتقر إلى أساسيات التعايش ويتهاوى أمام الإرادات المقابلة الأخرى التي تنتهج المنهج ذاته و التاريخ حاشد بالامثلة و النماذج.


أما مفهوم قوة المنطق والاحتكام للعقل بعيداً عن لغة العنف ومجابهة القوة بالقوة فهو مما لا يعول عليه وحده – بالرغم من كونه أمراً ضرورياً- في واقع يسوده الجهل والعناد والعصبية القبلية، 


إن تبني أحدالمفهومين بشكل مستقل عن المفهوم الآخر أمر خاطئ بل المطلوب تبنيهما معاً واستخدامهما كلٌّ وفق مقتضيات الحالة وظروف المرحلة، فعلينا مواجهة القوة بالقوة، والمثل بالمثل، ومن جهة أخرى علينا ان ننتهي عن استخدام القوة مع من ركن إلى السلم، واتباع منهج قوة المنطق والمجادلة بالتي هي أحسن .


نحن في السودان نمتلك رصيدا كبيرا من القيم و الموروثات التي تدعو للحوار و التفاوض و الجودية لحل الخلافات و على ذلك تقوم حياتنا و علاقاتنا الإجتماعية فنحن كشعب أقرب إلى مفهوم قوة المنطق منا إلى مفهوم منطق القوة و هذا هو سبب التدخلات الخارجية و عدم تركنا و شأننا. ... في هذه الحرب لو كان الصراع بين السودانيين لانتهت الحرب بقوة المنطق و توصلنا للسلام بإرادة سودانية وطنية خالصة.


الآن و قد استخدم السودان قوة المنطق في المحافل الدولية و رفع شكواه مدعمة بالأدلة و البراهين مبينا حجم الظلم و المؤامرة  .. و لكن هل وجدت تجاوبا من المجتمع الدولي؟؟ بالطبع لا و لن يحدث في هذا الزمان الذي يتبنى فيه رئيس الدولة العظمي سياسة فرض السلام بالقوة (منطق القوة ) لا قوة المنطق.


نحتاج لمنطق القوة لندعم به قوة المنطق التي نمتلكها .. نحتاج لاستخدام قوى الدولة الشاملة  و الدخول في تحالف مع الأصدقاء لدعم قوتنا العسكرية و تعزيز الترسانة الدفاعية.


التفاعلات السياسية الإقليمية و الدولية من حولنا تتطلب تفعيل ملف العلاقات الخارجية لتأمين القوة التي تعزز موقفنا و الاستثمار في الموقف الحالي و الانتصار الذي تحققه القوات المسلحة و المسانده لها .. و بالله التوفيق.

search