سيف الاسلام عبدالله يكتب: أزمة الذهب وضمير القائد
الأحد، 02 نوفمبر 2025 12:36 م
سيف الاسلام عبد الله
تتداول في بلادنا حكايات تروي الفرق الجوهري بين قادة خاضوا حروباً من أجل مبدأ وآخرين يخوضونها من أجل مغنم. وحين نتوقف عند سيرة الدكتور جون قرنق قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان نجد دروساً في النزاهة والوطنية ذكر لي ابن خالي عليه رحمة الله (حسن محمدعبدالرحمن) الذي كان يقاتل في صف الحركة الشعبية ابان حرب الجنوب حكاية الذهب الذي أمر قرنق جنوده بالتخلي عنه وتركه في معسكر الحركة الشعبية ليعود إلى ملكية الجيش السوداني أثناء انسحابهم لسبب بسيط وعميق في آن واحد "إذا احتفظنا به سوف نطر ان نقدمه للدوله التي تاوينا و لن يستفيد منه السودان". هذه الكلمات ليست مجرد قرار تكتيكي بل هي تعريف للقيادة التي تضع مصلحة الدولة ومواردها فوق الانتصار الشخصي أو الحزبي حتى في أشد لحظات القتال.
هذا الموقف النبيل يقف اليوم على النقيض التام مما يجري في السودان ومالي حيث تتحول الثروات الوطنية إلى بضاعة مستباحة وتصبح الأرض مرتعاً للمرتزقة. الأنباء القادمة من قنوات مثل "ماش" الروسية حول نقل مرتزقة كولومبيين كانوا يقاتلون في أوكرانيا عبر تركيا والإمارات إلى السودان للانضمام إلى مليشيات الدعم السريع تحمل دلالات خطيرة. هؤلاء ليسوا جنوداً يدافعون عن قضية وطنية ولا دين ولا عرض بل هم عناصر من عصابات مخدرات ومافيات الذهب دفعهم الوعد بمكافأة من ذهب السودان ليبيعوا أرواحهم وضمائرهم ويدمروا مستقبل هذا الوطن.
إن الفرق شاسع كالفرق بين السماء والأرض بين قائد يأمر جنوده بترك الذهب كي لا يُحرم منه الوطن وبين أوباش اليوم الذين يستقدمون الغرباء ويدفعون لهم من ثروة الشعب لسرقة الوطن وتمزيقه. هذا الصراع ليس صراعاً سياسياً عادياً بل هو صراع بين فكرة الدولة التي يجب الحفاظ على مقدراتها وفكرة العصابة التي ترى في كل ذرة تراب أو أوقية ذهب أو حقل نفط غنيمة شخصية.
إن استقدام المرتزقة وربط مصير البلاد بأجندات عابرة للقارات تهدف إلى استنزاف الثروات هو خيانة عظمى لمبدأ الوطنية. بينما كان جون قرنق يرى في الذهب وديعة وطنية لا يجوز التصرف فيها خارج الإطار الوطني يرى قادة المليشيات اليوم في الثروات وسيلة لتمويل آلة حربهم المدمرة واستقطاب قتلة مأجورين. هذا النمط من القيادة لا يمكن أن يبني وطناً بل يدمر أسسه ويفرغ مقدراته ويحوله إلى ساحة لتبادل الأدوار القذرة مقابل الدولارات. إن استحضار سيرة القادة الوطنيين المخلصين اليوم ليس نوستالجيا للماضي بل هو تذكير صارخ بالمعيار الذي يجب أن نحتكم إليه لنعرف من هو المدافع الحقيقي عن السودان ومن هو السارق المستغل لثرواته.
نسخ الرابط للمقال
آخبار تهمك
رغم الحرب والخسائر… سيدة سودانية ترفض مغادرة وطنها: "ما بلقي زي السودان دا"
25 أكتوبر 2025 04:21 م
ملاحقة الفنانة عشة الجبل في 4 ولايات بسبب محمود عبد العزيز
17 أكتوبر 2025 03:10 م
وفاة الفنان السوداني علي كايرو بعد أيام من إعلانه التوبة
14 أكتوبر 2025 11:47 م
فرقة المسرح القومي تواصل عروضها بالدامر للتوعية من خطر المخدرات
14 أكتوبر 2025 12:00 ص
انطلاق دورة الأرشفة الإلكترونية وتطبيقات الإنترنت بأمانة الحكومة
13 أكتوبر 2025 12:38 م
الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو تفوز بجائزة نوبل للسلام
10 أكتوبر 2025 01:33 م
الأكثر قراءة
-
سفير السودان في الرياض يتهم الإمارات وتشاد بدعم مليشيا الدعم السريع ويدعو لتصنيفها منظمة إرهابية
-
نداء إلى أهالي الخرطوم .. تسترك على أجنبي مخالف يعرضك للعقوبة
-
سفير السودان بالقاهرة: لا تفاوض مع مليشيا الدعم السريع وندعو المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات عاجلة
-
حرق خطة مليشيا الدعم السرية .. مرتزقة من ليبيا نحو الشمالية وحمودة البيشي يهاجم النيل الأزرق والحلو يهدد كادوقلي
-
الجيش السوداني يجري أكبر عملية إنزال جوي خلف خطوط العدو منذ بدء الصراع .. كردفان في أمان
أكثر الكلمات انتشاراً