رشان أوشي تكتب: "البرهان والرباعية".. معركة القرار الوطني..

الجمعة، 07 نوفمبر 2025 12:52 م

رشان اوشي

رشان اوشي


 

إلى اخي "مبارك اردول"..
" لن نذل ولن نهان .. ولن نطيع الامريكان"..

لقد جنح "مجلس الأمن والدفاع" إلى السلم، لكنّه سلام على قاعدة السيادة لا على قاعدة الوصاية.
سلام مشروط بإرادة الدولة الوطنية، لا ذلك المفروض وفق معادلات القوة غير المتكافئة.

قرار القيادة العسكرية السودانية، ممثلة في القائد عبد الفتاح البرهان ورفاقه، جاء كموقف مغاير لتيار الخضوع، الذي يقوده " مبارك اردول" واخرون.

قبل اندلاع الحرب،لعبت "الرباعية  الدولية" دوراً محورياً في رسم مسار التسوية السياسية في السودان، عبر "الاتفاق الإطاري" الذي بدا في ظاهره محاولة لإعادة مسار الانتقال المدني،بينما كان في جوهره، إعادة هندسة لموازين القوة داخل مركز القرار الوطني، من خلال شرعنة مليشيا "الدعم السريع" وتحويلها إلى  قوة موازية وشريك في القرار السياسي والعسكري.

لقد سعت "الرباعية" إلى إطالة عمر المليشيا عبر تضمينها كطرف ثالث في العملية الانتقالية، بما يمنحها غطاءً قانونياً ودولياً يضمن استمرار نفوذها الاقتصادي والعسكري، ويُضعف مركز الدولة الوطني وجيشها النظامي.

وبذلك أصبح  "الاتفاق الإطاري" آلية لتفكيك توازن الدولة من الداخل، حين منح الشرعية لمكوّن مسلح خارج بنية القيادة المركزية، في سياق دولي يسعى إلى إعادة إنتاج نموذج "حكم الشعوب بالوكالة" لا الدولة المستقلة ذات القرار السيادي.

في هذه الحالة،  تبدو "الرباعية  امتداداً لأنماط الهيمنة القديمة في ثوب مؤسسي جديد.تلك الكيانات  تتحرك  باسم السلام،ولكنها في جوهرها: إعادة إنتاج الاستعمار في صيغ ناعمة، حيث تتخفّى المصالح خلف خطاب "انهاء الحرب" و"حماية المدنيين".

"الرباعية الدولية"  تشبه إلى حد بعيد التحالفات الاستعمارية التي عرفها مطلع القرن العشرين؛ تلك التي دخلت القارة الإفريقية تحت لافتة: انتقال تلك الشعوب من الجهل إلى التنوير ، بينما كانت تنهب مواردها وتسترق شعوبها، قبل أن تُجرّم ذاتها لاحقاً في خطاب إنساني مزيّف، لتعود اليوم في هيئة رعاة السلام  ، ولكن بذات الجوهر: السيطرة على الموارد وتوجيه القرار السياسي عبر الوكلاء.

في السودان، تسعى  "الرباعية" إلى تفكيك إرث المقاومة التاريخية الممتدة منذ الثورة المهدية، مروراً بحركة التحرر الوطني التي قادت إلى الاستقلال؛ وصولاً إلى الموجة الراهنة من مقاومة التبعية السياسية والاقتصادية. وذلك عبر تمكين المليشيات والوكلاء من مفاصل الدولة وفرضهم عبر الابتزاز بالحصار والعقوبات، ورعاية عملية تغيير ديمغرافي يستبدل السكان الاصليين بآخرين.

ولكن في كل حقبة، كان الوعي الوطني السوداني يفرز قائداً يقف ضد مؤامرة "الإدارة بالوكالة" الذي يريد  الغرب فرضه على السودان، بعد حصاره اقتصادياً واشعال الحرب ليصبح دولة هشة.

كما أن  الوعي السوداني، بما يحمله من تاريخ مقاومة متجذر، يبدو أكثر صلابة من أن يُخضعه هذا الخطاب الجديد،فقد أثبتت التجربة أن السودان، مهما جُرّب إخضاعه، يحتفظ في ذاكرته السياسية بما يكفي من المناعة الأخلاقية والفكرية  ليُعيد تعريف معادلات القوة من جديد.

إنّ التاريخ لا يعيد نفسه إلا حين تنسى الشعوب دروسها، والسودان رغم الجراح ما زال يتذكّر.
يتذكر الثورة المهدية، ويتذكر الاستقلال، ويتذكر أن الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع حين تلتقي السيادة بالوعي الوطني.

محبتي واحترامي


https://www.facebook.com/share/p/17L3YuYtXZ/

search