نظرة للمستقبل| اتفاقية جوبا .. مالك علي
الثلاثاء، 15 يوليو 2025 06:34 م

د. عصام الدين بدري
د. عصام الدين بدري
“اتفاقية جوبا .. مالك علي”
من نكد الدنيا على هذه البلاد أن تكون اتفاقيات السلام فيهآ مصادر للتهديد و متاريس في طريق السلام و الاستقرار .
الناظر لاتفاقيات السلام التي وقعت على مر تاريخ السودان يجد أنها لم تحقق سلاما رغم كثرتها و تنوعها و تعدد و تنوع الضامنين و الشهود و الرعاة فيها و دائمآ ما ينهار الاتفاق لأسباب تعود في مجملها لضعف الاتفاقية نفسها و اهمالها لقضايا مصيرية او عدم معالجتها من جذورها و قد يكون ذلك مقصودا فالدور الخارجي حاضر و بقوة في كل اتفاقياتنا .
اتفاقية سلام جوبا الموقعة في أكتوبر ٢٠٢٠م و التي تم تعديلها في ما بعد جاءت في ظروف سياسية معقدة و لم تكن استثناءا من بقية الاتفاقيات و ربما كانت الاكثر بعدا عن السلام و اشبه ما تكون بصفقة حصرت كل مقاصدها في توزيع السلطة و الثروة بين الأطراف الموقعة دون مخاطبة جذور الأزمة السودانية و ربما اسهم الظرف الزمني المحيط بها و تعقيداته في خروجها بهذا الشكل فكان السعي للتوقيع في حد ذاته غاية و هدف و إنجاز سعى إليه المفاوضون اكثر من سعيهم لتحقيق السلام .
هذه الاتفاقية تبناها و حمل وزرها زعيم التمرد محمد حمدان دقلو عندما كان الرجل الثاني في البلاد و كان المسؤول عن ملف السلام في عهد حكومة حمدوك إلى جانب ملف الاقتصاد طبعآ !!
لا يساورني الشك في ان هذه الاتفاقية كانت في إطار المشروع و المخطط الكبير الذي يستهدف أمن البلاد و سلامتها و وحدة أراضيها و بالنظر إلى الضامنين الموقعين عليها - الإمارات .. جنوب السودان .. تشاد - و ما آلت إليه الأمور الآن تتضح الرؤية أكثر .. بالطبع اسهمت في ذلك أحوال البلاد في تلك الفترة فهذه الاتفاقية جاءت في ظل غياب الرؤية الاستراتيجية الوطنية و تراجع دور النادي السياسي الوطني.
فكانما جاءت تمهيدا لتقسيم البلاد و تمزيقها فكان التركيز على المسارات هذه المفردة البدعة الغريبة على منابر تفاوض السودانيين فقسمت البلاد إلى مسارات تمثل اقاليم على ارض الواقع لم تضف شيئًا سوى إعلاء صوت الجهوية و الاثنية و المناطقية .
المطلع على الاتفاقية و بنودها يجد أنها ركزت على إقليم دارفور تركيزا مخلا و حصرت قضية دارفور في نطاق ضيق و حولتها من المناطقية إلى الاثنية و القبلية في سياق و تسلسل يخرج به المتابع إلى خيارات صفرية تكرس في نهايتها للانفصال و لو بعد حين .
الاستخدام المعيب لمفردات مثل التمييز الايجابي لبعض المناطق و قضايا الكنابي يدل على عدم البحث و الدراسة الكافية لهذه القضايا و عدم اعطائها الوقت الكافي للحوار و النقاش وكنت أتساءل و انا اطالع الاتفاقية عن موقف مواطن من التمييز الإيجابي يسكن في إقليم دارفور و جذوره من الشرق او الوسط او الانقسنا او الشمال مثلا .
حتى لا تكون عقبة امام وحدتنا الوطنية و مشروعنا لتاسيس الدولة السودانية فإنه يجب علينا تجاوز هذه الاتفاقية و التحلي بروح الوطن و القومية و التوافق و التسامي فوق الصغائر والاستثمار في هذا المناخ الوطني الواقع الذي خلقته الحرب و التخلص من كل ما كان قبل ١٥ ابريل ٢٠٢٣ .. لا اقول بالغاء الاتفاقية و لكن يجب ألا نحيطها بكل هذه القداسة و نحن نعلم القصور الكبير الذي تحمله .
آن الأوان لاخضاعها للدراسة و إعادة النظر في بنودها بالتجميد أو الحذف أو التعديل و هو أمر ربما يتفق عليه حتى الموقعين عليها ..
ختاما أقول إن اي اتفاق لا يقوم على أساس المواطنة لن يجلب سلاما و أي انفاقية لا تجد قبولا من الشعب السوداني بمختلف قطاعاته ستكون كسابقاتها فقط ربما تؤجل الصراع و الحرب و لكن لن تنهيها .
نسخ الرابط للمقال
آخبار تهمك
"إندرايف" تطلق "مسابقة الصيف" لتكريم السائقين المتميزين في القاهرة والساحل الشمالي
23 يوليو 2025 11:40 م
تقديم نشوي أبو العلا: “نون كاست”.. برنامج يوثق نجاحات المرأة المصرية على قناة هي
18 يوليو 2025 10:15 م
اجتماع تنويري بالقضارف يؤكد أهمية التأمين الزراعي لدعم الجمعيات النسوية
13 يوليو 2025 11:30 م
أضرار سوء استخدام المضادات الحيوية.. تعرف عليها
29 مارس 2025 02:34 م
ترامب يقدم عرضا مغريا للصين مقابل بيع تيك توك
29 مارس 2025 02:23 م
الأكثر قراءة
-
تراجع قواعد الأخلاق في السياسات الدولية تهديد لمستقبل الإنسانية
-
مدير جامعة كردفان يتفقد امتحانات الدبلوم العالي بمركز دراسات السلام والتنمية
-
رئيس مجلس السيادة يتفقد مقر متحف السودان القومي
-
وزير الصحة بالقضارف يلتقي الأمين العام للمجلس القومي للأدوية والسموم
-
الخارجية في بيان توضيحي: سفارة السودان بدبلن تعمل بكامل طاقمها الدبلوماسي والإداري
أكثر الكلمات انتشاراً