الفاشر تحت النار.. جرائم الميليشيا المتمردة المروعة تثير إدانات واسعة محليًا ودوليًا

تعيش مدينة الفاشر وضعًا إنسانيًا مأساويًا بعد سلسلة من الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع المتمردة، والتي شملت القتل والتعذيب والاغتصاب والنهب الواسع، وفق تقارير ميدانية وشهادات حية.

وأكدت التقارير وقوع عمليات قتل جماعي وتخريب ممنهج للممتلكات العامة والخاصة، في تجاوز خطير لكل الأعراف والقيم السودانية، وتحويل متعمد للحرب إلى حملة تدمير للنسيج الاجتماعي في دارفور.

وأشارت مصادر ميدانية إلى أن هذه الانتهاكات تجاوزت نطاق القتال إلى جرائم منظمة، ما يستدعي تحركًا وطنيًا ودوليًا عاجلًا لمحاسبة قادة المليشيا وكل من تورط في إشعال الصراع بالسودان.

إدانات محلية ودعوات للقصاص

أثارت الأحداث موجة غضب واسعة داخل السودان، إذ أصدرت قوى سياسية ومنظمات مجتمع مدني وهيئات حكومية بيانات إدانة للمجازر، ووصفتها بأنها انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.

وأكد الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة، أن “القصاص سيكون مصير الجناة”، مشيرًا إلى قدرة الجيش على استعادة الأمن.

كما أعلن قادة إقليم دارفور وولاتها تصميمهم على تحرير كامل تراب الولاية ودحر المليشيا، مؤكدين أن الخسائر الميدانية المحدودة لا تعني هزيمة الإرادة الوطنية.

موقف حقوقي حازم

أدانت المفوضية القومية لحقوق الإنسان بأشد العبارات هذه الانتهاكات، واعتبرتها جرائم إبادة جماعية، مشيرة إلى تقارير تتحدث عن أكثر من ألفي قتيل وآلاف المهددين بالمجاعة. وطالبت بإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين فورًا، وضمان حرية الإعلام والتوثيق.

كما وصفت القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح ما جرى بأنه جرائم حرب ضد الإنسانية، ودعت إلى تصنيف مليشيا الدعم السريع منظمة إرهابية ومحاسبة قادتها أمام العدالة الدولية.

قلق دولي متصاعد

أبدت جهات دولية وإقليمية قلقها العميق من تدهور الوضع في الفاشر.
فقد أعرب الاتحاد الإفريقي عن “بالغ القلق”، بينما أكد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تلقيه تقارير عن إعدامات ميدانية وانتهاكات جسيمة عقب سيطرة عناصر المليشيا على مناطق في شمال كردفان.

وحذر المفوض السامي فولكر تورك من اتساع نطاق الجرائم ذات الطابع القبلي، داعيًا المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لحماية المدنيين وتوفير ممرات إنسانية آمنة.

كما أكدت المنسقة الأممية دينيس براون أن المساعدات الإنسانية مقطوعة عن الفاشر، وأن المدنيين يُمنعون من المغادرة، ما يرقى إلى استخدام التجويع كسلاح حرب.

إدانات عربية وغربية

أعربت عدة دول عن صدمتها من فظاعة الأحداث.

المملكة المتحدة: عبّرت عن “قلق بالغ” من استخدام العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، ودعت إلى حماية المدنيين وفتح ممرات آمنة.

ألمانيا: وصفت التقارير عن القتل العشوائي بأنها “مروعة”، مطالبة بتحرك دولي عاجل.

السعودية: شددت على ضرورة الحفاظ على وحدة السودان ومؤسساته الشرعية ورفض التدخلات التي تفاقم الأزمة.

الكويت: أدانت الأعمال الوحشية وطالبت بضمان وصول المساعدات والالتزام بالقانون الدولي الإنساني.

كما أدانت رابطة العالم الإسلامي الهجمات على المرافق الصحية، بما في ذلك المستشفى السعودي في الفاشر، ووصفتها بأنها “انتهاك صارخ للقيم الدينية والإنسانية”.

كارثة إنسانية تتطلب تحركًا عاجلًا

تشير التقارير إلى آلاف القتلى ومئات الآلاف المهددين بالنزوح والجوع في ظل انقطاع المساعدات عن مناطق محاصرة. وتؤكد المنظمات الدولية أن توثيق الجرائم وضمان المساءلة يمثلان شرطًا أساسيًا لحماية المدنيين واستعادة العدالة.

ورغم المأساة، تتصاعد الأصوات الداعية إلى الوحدة والعدالة، تأكيدًا لصمود شعب الفاشر وتمسكه بالقيم السودانية الأصيلة. ويظل مطلب محاسبة الجناة واستعادة الكرامة هدفًا لا تراجع عنه حتى تعود دارفور آمنة وتُطوى صفحة المأساة.