د/ حسين عمر عثمان يكتب: تحرير القصر الجمهوري تحول في المشهد العسكري والسياسي
الإثنين، 24 مارس 2025 02:06 م

د- حسين عمر
يبدو أن هناك تحولات جوهرية في ميدان الحرب قد تفرض واقعًا جديدًا بعد ما تمكنت القوات المسلحة من السيطرة على ولاية الخرطوم، العاصمة السياسية. وان دخول القصر الجمهوري يحمل دلالات متعددة الاتجاهات، ويشير إلى أن الحرب ستأخذ منحى آخر، مما يطرح سؤالًا: ماذا يعني تحرير القصر الجمهوري (رمزية المكان)؟ إن تحرير القصر يمثل تحولًا في موازين المعادلة الحربية، خاصة في ظل تحصن قوات الدعم السريع بالمنازل وداخل المؤسسات والمباني الحكومية، وتمركزها في المواقع الاستراتيجية. حيث كان استخدام القوة العسكرية في قلب العاصمة الخرطوم يمثل تحديًا للقوات المسلحة، لكن نجاح القوات المسلحة في تحقيق هذا الهدف سيكون له تأثيرات مهمة على المستوى العسكري أو السياسي أو الاجتماعي، فضلًا عن الرسائل الإقليمية والدولية التي يحملها بشأن مستقبل البلاد. ويمثل هذا التطور تحولًا جذريًا في المشهد، حيث يعني أن قوات الدعم السريع قد فقدت أكثر من مجرد السيطرة على الخرطوم، بل تراجعت مكانتها كقوة محاربة بشكل كبير. إن هذا السيناريو يعني أن القوات المسلحة السودانية قد أحرزت انتصارًا استراتيجيًا يتجاوز مجرد استعادة العاصمة السياسية، ليشمل استعادة السيطرة على المرافق الحيوية مثل القصر الجمهوري والمؤسسات العسكرية والحكومية. ومع ذلك، فإن تحرير الخرطوم لا يعني بالضرورة نهاية الحرب، إذ تبقت مناطق أخرى في السودان خاضعة لتأثيرات النزاع أو تشهد معارك بين الطرفين، لذا سيكون على القوات المسلحة الحفاظ على جاهزيتها العسكرية والاستعداد لمواجهات محتملة في مواقع أخرى. رغم أن تحرير العاصمة سيؤدي إلى تغييرات جوهرية في موازين القوى السياسية لصالح الحكومة السودانية، بإعادة التوازن العسكري وسد الفراغ السياسي، ويعطل فكرة الحكومة الموازية التي تسعى قوات الدعم السريع إلى تشكيلها في المناطق الخاضعة لسيطرتها. من الناحية الاجتماعية، لا يعني تحرير الخرطوم بالضرورة انتهاء المعاناة الإنسانية التي خلفتها الحرب، إذ فقد العديد من المواطنين منازلهم وأصبحوا نازحين أو لاجئين. كما أن إعادة الخدمات الأساسية إلى المواطنين ستتطلب جهودًا مكثفة، خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه إعادة الإعمار والاستقرار. وقد تستغرق عملية إعادة بناء العاصمة وقتًا طويلًا لضمان عودة الأوضاع إلى طبيعتها.
على المستوى الإقليمي والدولي، فإن تحرير الخرطوم سيوجه رسالة قوية مفادها أن النظام في السودان قادر على فرض الاستقرار، وهو ما قد يعيد فتح قنوات التواصل مع المجتمع الدولي على المستويات السياسية، والدبلوماسية، والتجارية... إلخ. ويدفع هذا التطور القوى الدولية إلى إعادة النظر في مواقفها تجاه الحكومة السودانية، فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية أو بدعم جهود إعادة الإعمار.إن تحرير القصر ليس مجرد نصر عسكري، بل هو بداية لمرحلة جديدة مليئة بالتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتتطلب المرحلة المقبلة جهودًا مخلصة وضخمة لإعادة بناء الدولة السودانية على أسس قائمة على السلام والعدالة والمساواة، مع تعزيز الدعم الداخلي والخارجي لضمان تعافي البلاد من الصراع والدمار.
نسخ الرابط للمقال
آخبار تهمك
"إندرايف" تطلق "مسابقة الصيف" لتكريم السائقين المتميزين في القاهرة والساحل الشمالي
23 يوليو 2025 11:40 م
تقديم نشوي أبو العلا: “نون كاست”.. برنامج يوثق نجاحات المرأة المصرية على قناة هي
18 يوليو 2025 10:15 م
اجتماع تنويري بالقضارف يؤكد أهمية التأمين الزراعي لدعم الجمعيات النسوية
13 يوليو 2025 11:30 م
أضرار سوء استخدام المضادات الحيوية.. تعرف عليها
29 مارس 2025 02:34 م
ترامب يقدم عرضا مغريا للصين مقابل بيع تيك توك
29 مارس 2025 02:23 م
الأكثر قراءة
-
وزير الطاقة يلتقي وزير الدولة بالخارجية والسفراء السودانيين المغادرين لمواقع عملهم بالخارج
-
المدير الإقليمي لمؤسسة البصر العالمية يتفقد مستشفى مكة بالكلاكلة
-
عضو مجلس السيادة الفريق إبراهيم جابر يشيد بأدوار الشرطة فى الحرب والسلم
-
باريس سان جيرمان يصنع التاريخ ويتوج بكأس السوبر الأوروبي لأول مرة بعد ريمونتادا مثيرة أمام توتنهام
-
تفاهمات بين حكومة غرب كردفان ومنظمة اليونيسف لدعم الوافدين بمدينة الأبيض
أكثر الكلمات انتشاراً